الاثنين، ١٧ ديسمبر ٢٠٠٧

الالتحاق بالعمل

الوظيفـــــــة

التحق محمود بتاريخ 12/ 3/1932 بالعمل بقلم حسابات الحكومة بوزارة المالية بمرتب سبعة جنيهات ونصف .

كلف بالعمل فى مصلحة الموانى والمنائر بالسويس ، فاحتقب حقيبه بها ملابسه وكتبه وترك شقيقه الاصغر أبو الفتوح الذى جاء من الصعيد ليتعلم بالمدرسة الخديوية ، تركه بالمسكن ، ورحل محمود إلى مدينة السويس ، وعندما ذهب إليها لم تكن الحرب العالمية الثانية قد إشتعلت .. ولم يكن الإنجليز يعسكرون مدن القناة .. وأقام بفندق بالسويس .. وفى شارع السوق الرئيسى ، وكان يضيق بالضجيج والحركة فى الشارع وركوب القطار كل يوم ليذهب إلى مقر عمله فى بور توفيق .

أخذ يسعى فى العثور على سكن ، ووجد غرفة مفروشه فى بور توفيق مع أسرة إيطاليه تسكن فى منزل صغير على شط القناة ، وكانت تؤجر الغرفة لتستعين بإيجارها على مواجهة الحياة ، وأقام معها فى هدوء وإطمئنان .

وولعه بالمطالعه وحبه للهدوء خففا مما كان يلاقيه من وحدة .. ويقول فى ذكرياته عن مدينه السويس " أنا اكثر من عاشق لها ، إنها مهد ذكرياتى الخاصة "(1) والوحدة وسكنى فى الغرف المفروشة فى القاهرة والسويس جعلانى أعيش عن قرب مع خليط غير متجانس من الناس .. ولقد أفادتنى هذه التجارب كثيرا عندما سافرت بعد ذلك إلى الخارج وتجولت فى البلاد .

كان يصطفى زميلا له يحب رياضة المشى كما كان أديبا .. فكانا يقطعان الطريق من بور توفيق إلى السويس سيراً على الأقدام .. وفى بعض الحالات كانا يواصلان السير إلى الأربعين .. وكان يقرأ ويتحدث عن الأدب .. ويرى فى يده أكثر من كتاب لبروست وزولا ..
كان محمود أثناء التمشيه على شاطئ القنال يرى المراكب الذاهبه إلى أوربا وهى محمله بخليط غير متجانس من البشر وتطلق صفاراتها وتسير فى القناة منطلقه إلى عرض البحر ، فولدت عنده الرغبه الشديده فى أن يركبها ويجوب الآفاق ، فيجلس على شط القناة ويحلم ويمنى نفسه بأعذب الأمانى وألذ الأحلام ، والصور الذهنية تبرز وتتداعى فى ذهنه رائعه خلابه ساحرة عن جمال المدن الخارجية وروعتها وروعة ما فيها من كثرة قراءاته عنها .

وعاد من السويس فى عام 1934 للعمل بمقر الوزارة بميدان اللاظوغلى وذهنه مشغول بالسفر إلى الخارج .

ليست هناك تعليقات: