الاثنين، ١٧ ديسمبر ٢٠٠٧

الخادم قارئ نهم



كانت زوجته تعتنى بالخدم ومظهرهم ولكل منهم عمل ، وجئ بمربية يقتصر عملها على العناية بالطفلة ومراعاة شئونها ، والخادم الصغير حسن يلبس جلبابا أبيض ويربط فى وسطه شريط أحمر وعلى رأسه طاقية بيضاء ، وعمله مقصور على شراء الأشياء الصغيرة من السوق ، فكان يخرج فى الصباح لإحضار طعام الإفطار ينطلق يعدو ويعود بنفس السرعة وتبهره مجلة البعكوكة فيشتريها بقرش ويخفيها بين ملابسه ، ويدخل الحمام الإحتياطى ويغلق الباب يتصفح المجلة (رغم عدم معرفته للقراءة) وقد حباه الله بذكاء فتعلم القراءة وحده دون معلم ، وتغير وتبدل حاله ، فأصبح يخرج فى الصباح ليأتى بالإفطار ويعود قرب الظهر ، وفى أغلب الحالات يكون ممسكا بالسلة فارغة كما خرج بها ويعول والسبب أن النقود ضاعت منه .

فى أحد الأيام أثناء سير محمود فى الطريق إلى عمله شاهد الخادم فى الحديقة العامه وحوله بعض الصبية يستظلون تحت ظل شجره والسلة موضوعة فى جانبه ويقرأ لهم من مجله البعكوكة (كان ينسى نفسه وينسى طلبات البيت ، وحينما يفيق إلى نفسه لا يجد النقود) .
كان جسمه ينمو سريعا ويزداد كل يوم طولاً ، وجاء شقيقه من الإسكندرية وأخذه معه إلى أسوان لرؤية أمه بعد فوات سنين وهو بعيد عنها ، وسافر ولم يعد ، ولكنه عاد بعد مدة من الزمن ، كزائر ، وقد فرع طوله وعمل فى إحدى الهيئات الكبرى بالقاهرة ولم ينقطع عن زيارتهم .

حدث أن تعطل الجرس الكهربائى فى البيت ولما جاء قام بإصلاحه دون الإعتماد على السلم ، ففرح محمود من عبقريته ، وأتت زوجته بنجفة كريستال جديده ، ولما جاء حسن قام بتركيبها .

وفى أحد ليالى أيام شهر رمضان كان محمود يجلس مع زوجته وإبنته فى البلكون ، سمعوا دويا هائلا وإنفجارًا رهيبا أعقبه ظلام تام فى البيت كله ، فقد سقطت النجفة .

ليست هناك تعليقات: