الاثنين، ١٧ ديسمبر ٢٠٠٧

اللقاء مع ابنة العم

اللقاء مع إبنة العم

تزوج ضابط البوليس عمر حسن عم محمود البدوى من إبنة خاله وأنجب منها إبن واحد وأربع بنات ، وما يهمنا هنا هى إبنته حكمت التى أصبحت فيما بعد زوجة لمحمود البدوى .
ولدت حكمت فى مدينة كفر الزيات عام 1930 ، وكان والدها معاون نقطه بوليس المدينة وفرح بها والديها كثيرا ، فقد كانت الإبنه الأولى وسميت على إسم المولدة ، وحينما كبرت وشد عودها التحقت بمدارس مختلفة نظرًا لظروف عمل والدها والذى كان دائم التنقل بين بلاد القطر (نوتردام بالزيتون ـ ليسيه مصر الجديدة ـ ليسيه بور سعيد ـ راهبات الإسماعيلية)

* * *

إنتقل محمود من مسكنه بالحلمية الجديدة إلى منطقة المنيل بشارع محمد سالم ، وأتى بسيدة من القرية للأعتناء بشئون بيته ، وكانت لا تفعل أكثر من غسل ملابسه وإعداد فنجان القهوة فى الصباح ولم تكن تعرف الطهى ، وإستعان بطباخ يطهو له طعامه ، وتعددت سرقاته ، يسرق نقوده وملابسه ، ويسرق وهو يشترى مستلزمات البيت ، حتى قطعة الصابون لم تسلم من يده فطرده ، وخرجت من بعده الخادمه من البيت ، ولم تعد ، فحرر مذكرة بنقطة بوليس المنيل قيدت تحت رقم 36 فى 14/4/1943 بخروجها وعدم عودتها


إستعان بسيدة أرمل ولديها طفلتان وإسمها أم محجوب (وهى لامحجوب لها) تقوم بشئون البيت وتطهو له طعامه ثم تذهب إلى بيتها لمراعاة طفلتيها .

* * *

فى عام 1945 جاءت شقيقته فاطمة من الريف بصحبة عمه حسين لعرضها إلى الأطباء فى المدينة لشدة مرضها ، وتركها العم وذهب إلى حال سبيله ، وأقامت شقيقته معه ، وتوقف محمود عن السفر والترحال ، وعن مزاولة التمرينات الرياضية بنادى الجمباز بالمعهد المصرى للرياضة البدنيه (الإشتراك السنوى ستة جنيهات والإشتراك الشهرى جنبه واحد) وعن الجلوس مع أصدقائه بالمقهى ، فكان يخرج من عمله إلى البيت مباشرة لمراعاة المريضة وحتى لا يتركها وحدها ، وكثرت زيارات أعمامه حسين وحفظى ومحمود وترددهم على مسكنه لمعاودة المريضة .

* * *

فى أحد أيام صيف عام 1945 جاء عمه عمر من بور سعيد ومعه زوجته وإبنتهما حكمت الطالبة بمدرسة الليسيه لزيارة المريضة والإطمئنان عليها ، وكانت حكمت تلبس رداء محتشما بسيطا مصففه شعرها الطويل فى جدائل وملقى وراء ظهرها ، وهى على جانب كبير من الجمال وبشرتها نقيه وعيناها خضراوين .

إنتهز محمود الفرصة وطلب من عمه إبقاء إبنته خلال فترة الأجازة الصيفيه لتؤنس إبنة عمها المريضة وليستطيع إنجاز بعض أعماله الخاصه ، فوافق العم.

عاد محمود إلى البيت بعد إنتهاء عمله بالمصلحة ليتناول الغداء كعادته ، فوجد تغييراً حدث فيه وأن يدًا جديدة مرت عليه وبجو أنيق ممتع ، وبعد تناول قهوة العصر خرج من البيت .
كان يعود بعد منتصف الليل بقليل ، ويفتح الباب ويدخل فإذا أحس بأنهما لم يناما يجلس يتسامر معهما ويحكى عن سفرياته فى الداخل والخارج ، ويتحدث فى هدوء وإتزان ويصف ما شاهده فى أوربا وحكمت تستمع إليه فى شغف ومأخوذه بحلاوة حديثه ، وتنصت ، وتنظر إليه نظرة إكبار وإجلال، وحينما يشعر أن النوم بدأ يداعب أجفانهما ، يتركهما ويذهب إلى غرفته ليقرأ أو ينام .

كان البيت وما حوله هادئاً ، فكانت حكمت تسلى وحدتها فى الوقت الذى كانت تنام فيه المريضة ، تقلب فى المجلات وتنظر إلى صور البلاد التى زارها حتى تشعر بالنوم .

* * *

عاد محمود إلى البيت فى غير ميعاده ليلاً مبكراً قليلاً ، فوجد إبنة عمه ساهرة وحدها ، جالسة أمام المكتب تتصفح إحدى المجلات المصورة ، وحينما رأته قامت ، فأشار عليها بأنه يجلسا قليلا ليتحدثا حتى تشعر بالنوم ، فإستجابت ـ وأخذ يتحدث معها ويسألها عن أخواتها ودراستها وبور سعيد وضواحيها وملاعبها ـ سبق له أن ذهب إلى هذه المدينة كثيرا وطاف فى أحيائها ـ ولكنه كلما سألها عن شئ يظهر الخجل عليها وتحس بأن لسانها يقف فى حلقها وترد عليه ردود مقتضبة ، وحينما ينظر إليها تحول وجهها عنه وتتلعثم ، ولما لم تجد مفرا مما هى فيه ، ولإنقاذ نفسها مما أصابها ، تتصنع التثاؤب وتتركه وتدخل حجرة المريضه مدعية غلبة النوم عليها .

وعلى الرغم من أن محمود صادق وعرف الكثير من الأجانب والمصريين فى شرق البلاد وغربها أثناء إقامته بالبنسيونات والغرف المفروشة لدى الأجانب بالقاهرة السويس والإسكندرية وأثناء تجواله ورحلاته بالخارج ، إلا أنه لم تستطع واحده منهن أن تجذبه إليها ويتخذها زوجة له على مدى الأيام التى إنصرمت من عمره الفائت ، حيث طالت مدة عزوبيته ، وذلك بسبب حبه للأدب وعشقه له اللذين لم يتركا لنفسه مهلة للتفكير فى الزوجة والأسرة، ولكن ابنة العم لفتت نظره وشدت إنتباهه لأنها لم تنطلق بالقول وتفيض وتثرثر كغيرها من النساء ، ورآها أنها ستكون أصلح زوجة له ، وعزم على ذلك ، ولكنه لم يتخذ أى خطوة عمليه ، وظل مترددا يقدم رجلا ويؤخر أخرى ، وجاء عمه عمر وزوجته وإطمأنا على المريضه ، واصطحبا إبنتهما وإنصرفوا وشفيت المريضة وعادت إلى الريف لترعى شئون بيتها ، وإنتقل محمود إلى مسكن آخر بالسيدة زينب والتحقت حكمت بمدرسة راهبات بمدينة الإسماعيلية بعد نقل والدها إليها .

ليست هناك تعليقات: