الاثنين، ١٧ ديسمبر ٢٠٠٧

معهد الموسيقى العربية

تعلم الموســـيقى

كان محمود البدوى يجد لذته الكبرى فى الاستماع إلى الموسيقى .. فاجنر وبيتهوفن وتشايكوفسكى وهاندل ........ ولحبه وعشقه لها أراد أن يتعلمها، وتعلمها فعلا على يد رجل موسيقى من أصل تركى ، وكان يذهب اليه بعد الفراغ من دروسه المدرسيه وبعد أن تقفل دار الكتب أبوابها ، ويسكن المعلم قريبا من الدار ، ثم جاءت فرصته فى أن يتعلمها بمعهد الموسيقى العربية .

ويقول .. " كنت أحب الموسيقى .. وذات يوم سألنا الاستاذ الابحر مدرس الرياضة بالسعيدية .. قبل أن يبدأ الدرس .
ــ من منكم يود أن يدرس الموسيقى مجانا .. ؟

فرفعنا أيدينا فرحين ..

ــ أين يا أستاذ ..
ــ فى معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية .. وعسكر .. يكتب اسماء الراغبين فى آخر الحصه .

فتقدمت مع من تقدم من الطلبه .. وكان الاستاذ الأبحر هاويا للموسيقى ومن أساتذة المعهد ، وكان المعهد فى حاجة إلى معونة سخية من وزارة المعارف .. فرأى أن يضم لفصوله الدراسيه ، بعض طلبه المدارس الثانويه الأميرية .. ليعزر طلب المعونة .


محمود البدوى مع أصدقاء بمعهد فؤاد الاول للموسيقى العربية

وتتلمذت على أساتذة أجلاء .. مصطفى رضا بك .. وصفر على بك والعقاد الكبير عازف القانون المشهور .. وامين بك المهدى أعظم عازف على العود فى الشرق .. وكان أمير الشعراء شوقى بك .. يزور الفصول يوميا .. ويقف على باب الفصل صامتا دقيقه واحده وفى فمه السيجار .. وندر ما ينطق أو يوجه الينا سؤالاً .. ثم يذهب سريعا كما جاء ..

وبعد الدراسة التمهيديه الطويله .. إخترت الكمنجه كآلة .. وكان هذا من سوء إختيارى لأن دراستها صعبه .. وكنت استعد للبكالوريا بكل جهودى فأهملت الموسيقى .. وإنقطعت عن المعهد
(1) "

كان يغادر الغرفة إلى الريف مخلفا فيها أمتعته وكتبه فى اثناء الاجازات الدراسيه ، متلهفا على قضائها بين أحضان الريف ــ بعد أن ضاق ذرعاً بالقاهرة وضج بما فيها ــ حاملا معه آلة الكمان وهو فرح طروب ليملأ عينيه بما حوله من جمال وسحر وليشاهد الزوارق الشراعيه وهى تسبح فى النيل ، ويعبر خزان أسيوط إلى العدوة الأخرى من النيل ليرى محاسن الطبيعة ويستغرق فى تأملاته ولتتحرك مشاعره وتزيل تبلد روحه ويجد نفسه فى حالة من الانشراح والتفتح .

كلما سنحت لمحمود الفرصة ، وغادر والده البيت يتناول الآلة الحبيبه إلى نفسه ، ويعالج أوتارها وقوسها ويفتح النوته أمامه
ويبدأ العزف ، ويصل الصوت إلى سمع بنات أعمامه وعماته ـ وكن صغاراً ــ فينادوا بعضهن بعضا ، ويسرعن فى الصعود إليه ، ويتجمعن أمام غرفته ينظرون وهو يقيم الآلة بين كتفه وذقنه ويرسل من أوتارها الأنغام .


ليست هناك تعليقات: